بكين أول فبراير 2018 /إن نظرية "تهديد الصين" ليست بالشيء الجديد. وقد تعكس عودتها للسطح مؤخرا تنامي القلق لدى العالم الغربي بشأن صعود الصين والعالم المتغير.
وحث بعض المسؤولين هذا الأسبوع مجلس الأمن القومي الأمريكي إدارة ترامب على تمركز شبكة الجيل الخامس للهاتف المحمول "لمواجهة تهديد تجسس الصين على المكالمات الهاتفية،" ما أثار معارضة منظمي الاتصالات الأمريكيين وشركات الاتصالات اللاسلكية ومشرعين.
وفي وقت سابق، انتقد بعض السياسيين الاستراليين الصين لتقديم قروض لدول المحيط الهادئ بشروط غير مؤاتية وهو ما دحضته بشدة تلك الدول الجزر.
كما تحاول بعض الدول الغربية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، إمعان النظر في الاستثمارات القادمة من الصين.
وبدلا من وضع الصين تحت مجهر فحص التهديدات، ينبغي على القوى الغربية إيجاد مبررات جديدة لتجهيز نفسها في مواجهة التنمية الصينية السريعة وكذلك شعورها بالخسارة في عالم متشابك.
ولعقود اعتقدت النخب في الغرب أن النظام السياسي الديمقراطي على النمط الغربي المرتبط باقتصاد السوق الحر، قادر على أن يكون الصورة النهائية لحوكمة البشرية.
وتمتع "النظام الليبرالي العالمي" بقيادة الولايات المتحدة الذي اعتبروه أمرا مسلما به خلال الفترة التي أعقبت الحرب الباردة، بتفوق لم ينافسه عليه أحد في كل مجال عمل.
ويقول فيودور لوكيانوف رئيس التحرير الروسي لمجلة جلوبال أفيرز إن الولايات المتحدة عادت ل"جمود زمن الحرب الباردة"، معتبرة العالم مليئا بالتهديد بدلا من الفرص.
ويحتاج النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب والمشوب بعيوب عميقة والذي دام لأكثر من 200 عام، للتجديد. وأثار صعود الصين، ذات النظام السياسي والاقتصادي والأيديولوجي المختلف عن الغرب، قلق الكثيرين.
إنهم بطريقة أو بأخرى غير مرتاحين مع أوهامهم ذاتها بأن أحدا ما سيستولي على مكانهم وسيحل قواعده محل "مجموعة قواعدهم القديمة" .
لكن المشككين في الصين بحاجة لفهم شيء وهو أن الصين لا تنوي إسقاط النظام العالمي الحالي وبناء آخر وفقا لاقتراحاتها الخاصة.
وعلى الأصح ، فإن ما تريده الصين هو محاولة تحمل نصيبها من المسؤولية كدولة كبرى وأن تتعاون مع الدول الأخرى لتصحيح نظام الحوكمة العالمي وجعله لا يخدم فحسب القوى الغربية وإنما كل الدول أيضا.
وخلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي اختتم أعماله للتو بمدينة دافوس في سويسرا، أعلنت الصين بوضوح اعتزامها البقاء على طريق الإصلاح والانفتاح في إشارة إلى أن الإجراءات الإصلاحية الأكثر جرأة ستعني فرصا أكبر لبقية العالم.
وقبل أكثر من قرنين، تمكن الغرب من التسلق لقمة العالم بالتكيف مع التغيرات الناتجة عن الثورة الصناعية.
والتاريخ لن ينتهي مطلقا. فهو يتقدم للأمام في كل وقت. والغرب بحاجة للتوقف عن النظر للصين من وراء حصن أيديولوجي وتبني عقلية اللعبة الإيجابية وروح الانفتاح.