التحديات المشتركة التي تواجهها الحضارة الصينية والإسلامية في العصر الحديث (2)

إن العالم الإسلامي والصين كمنبعين رئيسيين للحضارات، ساهمتا مساهمة جليلة في تقدم البشرية حتى اليوم.وقد أسهمت الحضارتين بنصيب وافر في التقدم والرقي في مجالات الحياة المختلفة الروحية والأخلاقية والنظم السياسية والعلمية والثقافية والفنية.كما تتميز الحضارتان بالتقدم والانفتاح والدعوة إلى السلام والانسجام والرحمة والتسامح.

إن الوسطية أو الاعتدال هو معيار والمبدأ الذي ينبغي على المرء أن يلزم نفسه ليسير على منهاجه.وإن فكرة الاعتدال ذات جذور ضاربة في ماضي الحضارتين الإسلامية والصينية. ومما لا شك فيه أن الوسطية قوة قادرة على ضبط علاقات الناس شتى مجالات الحياة ضبطا محكما ومناسبا.

إن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية،يكره التطرف والغلو في الدين، يدعو إلى السلام والتسامح، وقد تكررت كلمة " السلام" كثيرا في القرآن والسنة، وإن السلام هو التعايش و العيش في هناء و وئام بغض النظر عن الفروقات في الدين و اللغة والعرق، وهو يرفض الجمود والانغلاق والتقوقع. والسلام اسم من أسماء الله تعالى كما إن دين الإسلام مشتق من السلام الذي يحث عليه و يرغب فيه. قال تعالى: { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس } [ سورة البقرة: الآية 143 ].ويعني وسطاً، منتصف الشيء أو مركز الدائرة، وعادة ما يكون الوسط دليل الصفة المحمودة. فالإسلام دين السماحة والاعتدال، فهو ضد الإفراط والتفريط فكلاهما يذهب نعمة السلام. لقد جاء الإسلام يدعو إلى السلام ويشرق فجرا جديدا على الأمة الإسلامية والعالم اجمع، ويضع الخطة الرشيدة التي تحافظ على الإنسانية. وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله جعل السلام تحية لأمة ، و أمانا لأهل ذمتنا )ما ينبغي لإنسان أن يتكلم مع إنسان قبل أن يبدأ بكلمة السلام، لان السلام يحسس الإنسان بالأمان).

يشكل مبدأ التناغم والانسجام روح الفلسفة الصينية القديمة والمنطق الذي حكم التطور الاجتماعي والسياسي في الصين على مدى قرون.

إن الرابط بين الوسطية والاعتدال التي وردت في إطار تطورات الفلسفة الكونفوشيوسية التي ترى أن حالة الوسطية بين حدود التطرف. أما الاعتدال فهو المحاولة التي يبذلها المرء للتوازن بين أقصى أطراف التقدير بحيث يبقى في حال من التوافق مع الدورة الدائمة لمسار التطور دون تبدل أو زيادة أو نقصان. وفي الصين القديمة ارتبطت دلالة منتصف الشيء بالاستقامة فأوسط الأشياء غالبا يقوم دليل على الخير، لان الإصابة تقع في منتصف الهدف. ودلالة المنتصف في الوسطية يكتب في اللغة الصينية برسم مستطيل صغير بنصفه خط راسي أطول قليلا من ضلعه المتوازن(中（، وإن اسم الصين بالحروف الصينية(中国（، تعني البلد المعتدل. وقال كونفوشيوس:" إن طريق الاعتدال لا يقصي أحدا عن مساره".