وإذا استعرضنا الحضارة الصينية على مدار الخمس آلاف سنة، فإننا يمكن تلخيصها في فكرة واحدة تكون " الوسطية". فعلى الصعيد الجيوسياسي كانت الصين " المملكة الوسطى" ، وعلى صعيد الثقافة والتقاليد ظلت الصين " بلد الاعتدال الثقافي، وقد ظهرت الوسطية والسعي إلى العدل والسلام والتنسيق السمات الأساسية للاّيدولوجيات الصينية في مختلف مجالات الحياة على مدار الحقب التاريخية المتعاقبة.
لقد أصبح موضوع الوسطية مهما في العالم الإسلامي، والكثير من المسلمين يعارضون النزعة المتطرفة في السنوات الأخيرة، وهذا طبعا يواكب تيار العصر ويتوافق مع الثقافة الإسلامية، والثقافة الصينية المتمثلة في الانسجام والرحمة والدعوة إلى السلام. ويستحق الاستفادة من الطرفين ويعتبر أهم مضامين التبادلات في جميع المجالات بين العالم الإسلامي والصين.
ظل الإسلام ينتشر بلا انقطاع منذ دخوله إلى الصين في وسط القرن السابع، حيث اعتنقه في الصين أكثر من عشرين مليون مسلم من عشر قوميات، لذا نقول أن الحضارتين العريقتين الباهرتين اللتين تتمتعان بقيمة تاريخية تتفاعلان وتتكاملان، وإن التاريخ متحرك وسيال ومتغير دائما نحو الجديد ونحو مواكبة العصر وتحولات العصر. كما أن تيار العولمة الجارف تخطى الحدود الجغرافية التقليدية، وكسر نماذج التنمية المغلقة، وخلق فرصا تاريخية لتحديد مختلف الحضارات مواقعها الذاتية، كما أن مزج وربط العلاقات فيما بينها من اجل البقاء والتطور خيارا لا بد منه. وأصبح تلاحم العالم حقيقة، واندماجه تيارا رئيسيا. لذا بات من المهم أن يتمسك المسلمون والصينيون بروح التسامح والانفتاح والعمل على تعزيز الحوار الحضاري وتوسيع الثقافي والإعلامي بما يدفع التواصل والتكامل بين الحضارتين الإسلامية والصينية. كما يتعين على الجانبين تعزيز التنسيق والتعاون في الدعوة إلى التعايش المنسجم والسلمي بين مختلف الحضارات،سعيا إلى دفع العالم باتجاه التنوع. وعليه فإننا نجد أن الحضارتين الإسلامية والصينية، ليست فروعا رئيسية لشجرة الحضارية الإنسانية فقط، بل تعتبر القوتين التي تقوم عليها العلاقات الدولية وتشكيلها، فهي بالحتم تؤثر تأثيرا عميقا في مستقبل التطور البشري .
وإن الاحتكاك الإسلامي الصيني في ما مضى هو الذي أهدى العالم لصناعة الورق، حيث أن الحضارة الإسلامية نقلت صناعة الورق إلى أوروبا، وهي من وجهة نظري نقطة لقاء وتأسيس لانطلاق علاقات تبادل ثقافي و تعارف ثقافي بين الشعوب الإسلامية والشعب الصيني.
إن التنوع الحضاري منبعا لتطور وتقدم المجتمع الإنساني. وظهور بعض الاحتكاكات والمصادمات في خضم عملية التواصل والتمازج بين الحضارات أمر لا مفر منه، وتفاديه يحتاج إلى المزيد من العمل وعدم الوقوف أمام مشاكل عابرة قد يمكن تفاديها، لان جوهر المشكلة يكمن في طبيعة التصرفات الغربية في فترات مختلفة ومسائل مختلفة التي زادت من سوء الفهم بين الحضارة الإسلامية والصينية. لذلك بات من المهم أن نتمسك بروح المساواة والانفتاح والتسامح ونعمل على تعزيز الحوار الحضاري وتوسيع التعاون بين الجانبين بما يدفع التواصل والتلاقح بين الحضارتين الإسلامية والصينية. كما يتعين علينا أن نعمل على تعزيز التنسيق والتعاون ودفع العالم باتجاه التنوع بالدعوة في المحافل الدولية إلى التعايش المنسجم بين مختلف الحضارات ورفض نزعة المركزية الثقافية والتقليل من شأن حضارات أخرى وإقصائها.
إذا استعرضنا الماضي، نجد أن الحوار والتواصل بين الحضارات ظل على الدوام موضوعا ضخما يمتد عبر تاريخ التطور البشري ونمو العالم وتقدمه، ويتفاعل مع مختلف أشكال الحضارات وتؤثر فيها . لذا ينبغي أن نكتشف الخصائص الذاتية والخصائص المشتركة للمسائل المختلفة، وتحقيق " العدالة والوئام" بين جميع الحضارات، ودفعها نحو التلاقي والتعايش والازدهار المشترك، ودفع العالم نحو مستقبل أكثر سلما وازدهارا وجمالا. واعتقد أن هذا ليس مسؤولية ألساسة فقط، بل واجب مشترك للعلماء ورجال الأدمغة والفكر والرأي.
![]() | ![]() |
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn