بقلم/ الدكتورة فايزة كاب، باحثة جزائرية في الشؤون الصينية ، العربية
الحضارة هي عبارة عن تلخيص وبلورة لمجمل الأنشطة البشرية، وتتسم بالتعددية والخصوصية. لذا نقول بأن الحضارة ليست ظاهرة عابرة بل هي ظاهرة متجددة وجدت منذ آلاف السنين وتؤثر في الأجيال على نطاق واسع، وتناسب مع قواعد نمو الطبيعة والبشر والمجتمع،وإن الحضارات التي تتفق مع هذه القواعد تمتلك نظام قيم مناسب قابل للتكيف، كما أن الحضارات لديها خصائص تنفرد بها وخصائص أخرى مشتركة مع غيرها من الحضارات. وإن السمات المشتركة بين الحضارات هي نقاط التوازن بين المصالح والاتجاهات في التواصل المتبادل والتعايش السلمي للبشرية، وتوفر الأسس الموضوعية والفضاء المستقبلي الواسع للتعايش السلمي والتعاون المتبادل والتقدم المشترك.
يعتبر الإسلام الحضارات إنجازاً إنسانياً، وإضافات للتراث الإنساني الذي هو بطبيعته أخذ وعطاء. ولا توجد أمة عريقة في التاريخ إلا وقد أعطت كما أخذت من هذا التراث، فلا يمكن أن تذوب السمات الحضارية الأساسية للشعوب التي تركت بصمات حضارية لا تمحى في سجل التاريخ.والإسلام إذ يقر التعددية الدينية والحضارية فإنه من ناحية أخرى يقر في الوقت نفسه بأن هناك قواسم مشتركة بين كل الحضارات. وهذه القواسم المشتركة هي أساس التعاون بين الحضارات وليست أساس الصراع فيما بينها. ومن هنا كان تأكيد الإسلام على أن الاختلافات بين الشعوب لا يجوز أن تكون عائقاً أمام التعارف والتآلف والتعاون بين الأمم والحضارات.
إن الحضارتين الإسلامية والصينية حضارتين باهرتين، أنتجت ثروة روحية لا تقدر بثمن،وظلت الكنوز الثقافية التي تزخر بها الحضارتين تلعب دورا بارزا في عملية التبادلات الخارجية ،حيث أن تنوع الثقافات ميزة جوهرية للحضارات البشرية ، كما أنها تتأثر وتتداخل وتتفاعل الحضارات المختلفة ببعضها البعض ما يدفع بتقدم الحضارة البشرية واغناء الحياة الإنسانية.لذا فإن احترام الميزة الطبيعية لكل حضارة وتقدمها وتعزيز التبادل الثقافي أهم نقاط للحفاظ على تنوع الثقافة العالمية في ظل العولمة.
لقد درست لسنوات طويلة في الصين وأنا اعمل الآن هنا أيضا، فالتمس الصداقة الودية التي تربط بين الصين والعالم الإسلامي، واقدر الحضارة الصينية التي تضرب جذورها العمق.
منذ أكثر من ألف سنة كانت الحضارتان الإسلامية والصينية على تواصل مستمر وأسهمتا في مسيرة الحضارة الإنسانية، من خلال التعاون بين الباحثين والمفكرين الصينيين والمسلمين. ولا جدال في أن عصرنا يختلف اختلافا جذريا عما سبقه من حقب تاريخية،وما طرأ على عالمنا المعاصر من تطورات وما جد فيه من متغيرات متسارعة،لتقف الحضارتان الإسلامية والصينية اليوم أمام نقطة انطلاق جديدة في مسيرة التاريخ التي تشهد التغيرات الهائلة.وان مواجهة المشاكل والتحديات المعقدة في عالم اليوم بحاجة إلى إرادة قوية وعزيمة صادقة للبحث في أغوارها لإيجاد حلول مناسبة والسير صعوداً نحو مستقبل مشرق من خلال التبادلات الثقافية على نطاق واسع.
![]() |
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn