واشنطن 11 يناير 2017 / من المقرر أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة قراره بشأن ما إذا كان سيتم إعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران، وهي خطوة قد تضع الاتفاق النووي الإيراني المهم في خطر.
وكونه انفراجة دبلوماسية تم التوصل إليها بين ست دول كبرى وإيران في عام 2015 بعد عقد من المحادثات، فإن الاتفاق قد أثبت فعاليته في كبح التطور النووي الإيراني، وتعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، ودعم النظام الدولي لعدم الانتشار، وخصوصا في مثل هذا الوقت الحساس.
وعلى الرغم من أن المعاهدة قد لا تكون مثالية، إلا أنها ما تزال جديرة بالمحافظة عليها. وقد وفر الاتفاق فوائدا "واضحة وملموسة" بشأن الحد من البرنامج النووي الإيراني، وفقا لما ذكره تقرير صدر مؤخرا عن مراكز أبحاث أمريكية.
ولفت التقرير، الذي شارك في تأليفه مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومركز من أجل أمن أمريكي جديد، إلى أنه بموجب الاتفاق، فإن إيران ستحتاج إلى ما يقرب من عام، بدلا من أقل من شهرين، لإنتاج مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي، ما يمنح المجتمع الدولي ما يكفي من الوقت للكشف عن أي جهد نووي سري كبير.
وفي تسعة تقارير منذ توقيع الاتفاق، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي المنظمة الدولية المعنية بمراقبة عدم الانتشار، أن طهران تمتثل امتثالا تاما لأحكام الاتفاق، ما يدحض اتهام واشنطن بقيام الجمهورية الإسلامية بـ "انتهاكات متعددة للاتفاق".
في الحقيقة، فإن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي هدد بإلغاء الاتفاق، وهو موقف واجه اعتراضا من مشاركين آخرين.
وقبل فترة وجيزة من الموعد المتوقع لإعلان ترامب عن قراراته، دعا دبلوماسيون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي مرة أخرى ترامب إلى دعم الاتفاق.
وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على أهمية الالتزام بالاتفاق "من أجل ضمان استقرار أكبر في الشرق الأوسط"، وفقا لما جاء في نص محادثته الهاتفية مع ترامب يوم الخميس.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن من يعارضون الاتفاق النووي يجب أن يأتوا بحل أفضل "لأننا لم نر ذلك حتى الآن".
وأدلى بهذه التصريحات إلى جانب نظيريه الألماني والفرنسي، وكذلك مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، بعد اجتماع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بروكسل يوم الخميس.
وفي نفس المناسبة، قال وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، إن الموقعين الأوروبيين على الاتفاق الإيراني "يريدون حماية (الاتفاق) من كل قرار محتمل قد يقوضه".
وفي الوقت نفسه، حثت الصين وروسيا، الطرفان الآخران في الاتفاق، مرارا الأطراف على الحفاظ على الاتفاق الذي يعد "ممارسة مفيدة لحل قضية حرجة من خلال الوسائل السياسية والدبلوماسية".
ورغم أن الاتفاق الإيراني قد يكون غير كامل كونه يتضمن "بند انقضاء" يسمح لإيران باستئناف برنامجها لتخصيب اليورانيوم بعد عام 2025 طالما التزمت به، فإنه ما يزال أفضل آلية متاحة.
ومنع الصفقة من التداعي له مغزى خاص في الوقت الذي ما تزال فيه التوترات النووية مرتفعة في شبه الجزيرة النووية على الرغم من الحوار الأخير الذي كسر الجليد بين الكوريتين.
وحذر إيلان غولدبيرغ ومارا كارلين، وهما مسؤولان سابقان في البنتاغون عملا في إيران، في مقال نشرته ((أتلانتيك ماغازين)) في أكتوبر، من أن "إنهاء الاتفاق النووي هي دعوة للحرب".
وبالنظر إلى أن إيران قالت إنها لن تلتزم بالاتفاق في حال جددت الولايات المتحدة عقوباتها، فإن قرار ترامب بإلغاء الاتفاق من المرجح جدا أن يؤدي إلى عدم عودة إيران نهائيا إلى طاولة المفاوضات وتحرير نفسها من التزاماتها النووية التي حددها الاتفاق.
وفي الواقع، فإن الحفاظ على سلامة الاتفاق خير سبيل لخدمة مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية الخاصة.
وذكر تقرير مركز أبحاث أمريكي أن إلغاء الاتفاق الآن من شأنه أن يزيل القيود المهمة المفروضة على البرنامج الإيراني النووي وأن يترك الولايات المتحدة في وضع أضعف بكثير للتفاوض على حدود مستقبلية هادفة للبرنامج.
ومن شأن انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق الإيراني أن يوجه ضربة أخرى للمصداقية الدبلوماسية الأمريكية، التي سبق أن تضررت بعد "انسحاباتها" المتعددة من المنظمات الدولية والتزاماتها في العام الماضي.